رائف الحديدي
وهما عندهم علم بأوامرى
نهضت زينة من مقعدها تهم بالانصراف وما ان خطت خطوتين باتجاه الباب حتى استوقفها صوته مناديا لها فلتفتت اليه بتساؤل ليقول رائف بنبرة محذرة
لو اللى حصل امبارح اتكرر تانى مش هيكون عندى وقتها غير تصرف واحد واظن انك عرفاه
هزت زينة راسها بالايجاب ليرفع يده يشير اليها بالانصراف فاتسرع بالمغادرة بخطوات سريعة متوترة تحمد الله لمرور الامر على خير لا تعلم ما تخبئه لها الايام بعد هذا اللقاء
مرت بها الايام تستمر فى عملها فى قسم الارشيف نعم هو ليس عملا ممتعا كعملها السابق فى الاستقبال ولكنه يفى بالغرض فما يهم انه سوف يكون لديها مرتب تستطيع منه سداد الايحار المتراكم عليها فصاحب المنزل قام باعطاءها انزار اخير حتى اخر هذا الشهر لتستطيع السداد له لذلك هى تتحمل ان تعمل بهذا العمل الممل وتتحمل سماجة العاملين معها فى نفس القسم ترى استخفافهم بها وطريقتهم الساخرة معها بعد علمهم عن كيفية عملها فى هذا القسم فلا يخفى على احد كيف جاء عملها هنا تزامنا مع ماحدث امام مكتب الاستقبال وتعنيف مالك الشركة لها فى هذا اليوم ولذلك الموظف المسكين لتصبح الان مادة للهمز و اللمز بعد نفيها هنا
كويس اننا لما اتعينا جينا نشتغل فى مكاننا على طول مش زاى ناس اتحطت هنا علشان بتشاغل اللى رايح والجاى ووقت الجد يسيبوا غيرهم غير هو اللى تخصم له ويشيل الليلة
الفتاة الاخرى بوقاحة
ومين قالك هيبطلوا عادتهم اللى فيه داء عمره ما يبطله ولا مش ملاحظة الداخلين و خارجين واللى رجليهم كترت على مكان من بعد ماكان زاى الصحرا ولا حد كان حاسس بينا
فاخذت تجرى فى الممر المؤدى الى بهو الاستقبال فى اتجاه باب الخروج نهائيا من الشركة تعميها دموع عن رؤية اى شيئ حتى ذلك الواقف فى منتصف بهو الاستقبال يتحدث الى احد الاشخاص ليتوقف عن الحديث هو يضيق ما بين عينيه يتابع خروجها بهذا الحال خارج الشركة
ذهبت زينة بخطوات متعثرة ناحية احدى مقاعد لاستراحة داخل حديقة الشركة الصغيرة تسمح لدموعها اخيرا بالسقوط فاخذت تبكى وتبكى تخرج من داخلها كل ما تكبدته طوال تلك الايام من همز ومز لاتعلم فيما اخطأت حتى يظنوا بها هذا الظن وهل هذا هو رأى كل العاملين معها فى الشركة ايظنونها حقا انها تتعمد التساهل فى المعاملة بينها وبين زملائها من الرجال هل يعتقدونها فتاة سهلة تسعى لايقاع بيهم بين حبائلها
ايعقل ان يكون هذا هو رأيه هو الاخر لذلك قام بنفيها فى ذلك القسم بعيدا عن اعين العاملين بالشركة خوفا منها ومن اخلاقها عليهم
عند هذه الفكرة شعرت بالبرد يزحف الى داخل جسدها ينخر فى عظامها تحنى رأسها پألم ودموعها تتساقط دون محاولة منها لايقافها فتظل على حالها هذا غافلة عن كل شيئ حولها حتى تلك الاقدام التى اخذت بالاقتراب منها بهدوء وبطء حتى توقف صاحبها امامها تماما يسألها بصوت قوى
سيبه شغلك وقاعدة عندك هنا بتعملى ايه
يا زينة
ماان سمعت صوته القوى يهز المكان من حولها حتى نهضت واقفة فوق قدميها بسرعة ناسية تماما شكلها المشعث بانفها المحمر وعينيها المتورمة من اثر بكاءها تتحدث بتلعثم وارتباك
ابدا... يا رائف بيه ... انا.... اصل ....جالى شوية صداع قلت اخرج اشم هوا
اقترب منها رائف اكثر حتى اصبح لايفصله عنها سوى انشا واحدا تجول عينيه فوق وجهها ببطء وتركيز تصاعد معه ارتباكها من نظراته المتفحصة هذه فاخفضت راسها سريعا تنظر الى الارض يسود الصمت الشديد عدة لحظات كانت دقات قلبها المتسارعة هى المسموعة فيه لتتعالى اكثر حتى كادت ان تصم اذانها حين تحدث ببرود قائلا
تعالى ورايا على مكتبى حالا
رفعت راسها اليه متسعة العينين پصدمة وخوف ناظرة اليه تحاول فهم وسؤاله لماذا لكنه كان قد غادر المكان بخطوات سريعة واثقة بينما وقفت هى تراقبه بتوجس دون ان تتحرك من مكانها خطوة واحدة ليلتفت اليها هاتفا بقوة وحدة
واقفة عندك ليه قلت ورايا على المكتب
افاقت على نفسها من صډمتها الشديدة تتبعه بخطوات متعثرة حتى دخلا البهو الخاص بالشركة فاتجهت انظار جميع الواقفين اليهم باهتمام وفضول حتى توقفا امام المصعد المخصص لكبار المسئولين يدلف اليه رائف بسلاسة بينما وقفت زينة بارتباك تتنقل بصرها بينه وبين المصعد الاخر الخاص بالعاملين لا تعلم كيفية التصرف حتى تقدم هو الى الخارج مرة اخرى يجذبها من يدها بقوة يدخل بها الى المصعد مرة اخرى متجاهلا تماما شهقتها المصډومة وبعض الشهقات الاخرى الصادرة من الجمع المتفرج
تمت رحلة الصعود بصمت وقف هو خلالها ينظر اليها نظرات ثاقبة يتمهل بها فوق وجهها والذى اخذ بالاحمرار بشدة فاخفضته تهرب من تفحصه لها تتمنى الخروج الى مكان فسيح فوقفهم متقارين هكذا تكاد ان تلتصق بها جعلت من ضربات قلبها تتعالى پعنف وسرعة تدعو فى سرها ان تنهى محنتها هذا
لتأتى الاستجابة سريعة حين توقف المصعد بهم فاخذ يدها مرة اخرى يجرها خلفه باتجاه مكتبه تحت انظار شاهى المصډومة وهو يهتف بها
أجلى اى حاجة دلوقت ومدخليش حد علينا نهائى
ثم فتح باب مكتبه يدلف الى الداخل وهو مازال يجذبها من يدها خلفه حتى توقف بها فى منتصف مكتبه يلتفت ناظرا لها عدة لحظات وهى تقف امامه تحاول التقاط انفاسها بصعوبة لياتى سؤاله لها رقيقا دون ان يقصده بهذه الطريقة
كنتى بتعيطى ليه بقى فهمينى
تلعثمت زينة تشعر بلسانها ثقيل وعقلها فارغا من كل الافكار الممكن اخباره اياها دون ان تضطر ان تعلمه السبب الحقيقى لبكاءها
انا منتكش بعيط....اااا....انا اتخنقت من جو...ااااالمكتب فقلت ..يعنى ..اخرج اشم هو..
هدر صوته عاليا ينادي باسمها محذرالتجفل بړعب من صراخه عليها
زييينة انا سالتك سؤال وعاوز اجابة عليه وانا مابحبش اكرر كلامى تانى واظن انك عارفة ده كويس
حاولت زينة ابتلاع لعابها لكنها شعرت به جاف
لاتستطيع الحديث فكيف لها ان تخبره بكل مادار . كيف تخبره ما تفوهت به تلك العقربتين فى حقها طوال عملها معهم اليس من الممكن ان يكون هذا رائه هو الاخر بها فتأكده له ان اخبرته بما حدث ورائ الاخرين بها
افاقت من دوامة افكار ها وهى تراه يترك مكانه متجها الى مكتبه جالسا فوق مقعده براحة يستند الى ظهره يراقبها باهتمام قبل ان يتحدث قائلا ببرود ولا مبالاة
خلاص براحتك يا زينة اتفضلى على شغلك وانا بقى هعرف بطريقتى
وقفت مكانها مترددة لا تعلم كيفية التصرف لتهمس بتردد
صدقنى