قصه كامله بقلم ياسمين عزيز
إلى المطعم لكن صالح إعترض طريقها
ليوقفها قائلا..
إنت حامل على فكرة المفروض تتحركي
بالراحة...
عبست في وجهه و هي تجيبه هاتفة بلوم..
إنت السبب لو كنت صحيتني بدري مكانش
داه حالي..إنت عملت كده قاصد صح عشان
كده فايق مبسوط و بتهزر .
نفى برأسه بينما حطت يداه على كتفيها ليثبتها
فهي كانت تنوي متابعة طريقها بعد إنهاء جملتها
مش قلتلك الأسبوعين اللي عديتهم في الشغل
لحسوا دماغك... إنت ناسية إن النهاردة خطوبة
هشام.
نفخت يارا وجنتيها بضيق و هي ترفع يدها
لټضرب جبينها مستذكرة..
مش عارفة أنا إزاي كنت ناسية ...يوووه.
إستدارت نحو الفراش و هي تتثاءب قائلة..
الخطوبة بالليل يعني لسه بدري... هنام ساعتين
أمسك صالح معصمها و جذبها لتقف أمامه من
جديد..توترت بشدة و تغيرت ملامحها الساكنة
ليتجلى القلق عليها عندما شعرت بيديه
تحيطان خصرها و تقربها منه حتى أصبحت أجسادهما ملتصقة...ليتلذذ صالح و هو يستنشق
رائحة أحمر شفافها بطعم الكرز.. ثم
دمدم بنبرة رغم أنها كانت دافئة إلا أنها
الاسبوع اللي طلبتيه عدا خلاص و إنت لسه
مجاوبتنيش
تلعثمت بينما كانت تحاول التملص منه..
مش فاكرة...أنا هحاوبك على إيه
أدرك صالح أنها تتهرب منه لكنه رغم ذلك
تجاهل ماتسعى إليه مذكرا إياها من جديد..
عاوزة إيه مقابل تدي لجوازنا فرصة ثانية .
جف
ريقها و شحب لونها و كأنها لأول مرة تسمع
تتجاهله و تدعو أن ينسى لكن هيهات
هاهو الان يحاصرها بكل وقاحة و يطالبها
بجواب رغم كل ما فعله بها من قبل..
هتف صالح من جديد مستشعرا ما تمر به
من تذبذب لذلك وجب عليه إستغلال الفرصة
حتى يجعلها تحت سيطرته
خلينا ننسى كل اللي فات و أي حاجة إنت عاوزاها أنا هنفذهالك بس خلينا نبدأ صفحة جديدة
بس مش واثق إنك هتقدري تعيشي من غير
إبنك... إنت مهما كان أم و الام بتضحي بكل حاجة
عشان ولادها.. حتى لو طلبوا حياتها .
إنطلقت شرارات غاضبة من عينيها نحوه
قبل أن تنتفض هادرة بنفاذ صبر فإذا كانت طريقته
في إصلاح الأمور هي إستغلال عواطفها فهو
اديك قلتها عشان ولادها...أي أم مستعدة
تضحي بروحها عشان ولادها لما تكون
جايباهم بمزاجها من راجل بيحبها
و بيحترمها أما أنا فظروفي مختلفة خالص
و هعتبر نفسي متجوزتش اصلا...و إبني لما يكبر
أكيد هيفهم أنا تخليت عنه ليه.. أحسنله يعيش
من غير أم...
أضاف صالح باستهزاء..يعني عاوزاه يعيش
يتيم و مامته موجودة و إلا عاوزة ست ثانية هي اللي تربيه و تكبره و يبقى إبنها بدالك ... إنت واعية بتقولي إيه
طبعا لا أنا لايمكن اسيب إبني يعيش مع مختل
زيك أنا بس مستنية الفرصة عشان إهرب
منك و أربي إبنك بعيد عن عالمك الۏسخ..
كانت تلك الإجابة التي دارت في عقلها ودت لو
أنها تستطيع الانفجار في وجهه و قول كل كلمة
كتمتها داخل قلبها لمدة شهور لكنها تراجعت
في آخر لحظة لتجيبه بدلا بأيجاز سعيا منها
لإنهاء هذا الجدال العقيم... لن تعود له حتى لو
قتل نفسه أمامها..
صالح إنت وعدتني و إتفقنا خلاص أنا هديك
البيبي مقابل إنك تحررني منك...إنت ليه مش
عاوز تفهم إن أنا خلاص بقيت عايشة بالعافية
چثة من غير روح بستنى باليوم و الليلة إمتى
أتحرر منك...صدقني أنا لابقيت أنفع لا ليك
و لا لغيرك محتاجة ألف سنة لقدام عشان أرجع
طبيعية زي ما كنت...طلقني يا صالح و شوف
حياتك مع غيري...
رد عليها صالح و هو يرفع يده خلف رأسها
ليجعلها تنظر إليه..بس أنا مش عاوز غيرك
وافقي يا يارا عشان إبننا و عشان نفسك...
أنا و الله تغيرت كل اللي عملته فيكي قبل كده
كان بدافع الكره و الاڼتقام بس دلوقتي خلاص
خلينا ننسى اللي فات و نبدأ صفحة جديدة
اليوم اللي بيروح مابيرجعش و حياتنا قصيرة
مش عارفين بكرة مخبيلنا إيه حرام نضيع اللي
باقي من عمرنا عشان العند .
يارا بسخرية..
عند طبعا عندك حق تقول كده ما إنت حضرتك
دست على رجلي عشان تقلي معلش و خلينا
نبدأ صفحة جديدة... إنت ناسي إنت عملت فيا
إيه أنا وصلت بفكر أنتحر عشان أخلص من عذابك و ذلك ذل داه إنت لحد دلوقتي معتذرتش
للدرجة دي الحكاية عندك بسيطة و مش مستاهلة .
تركها لتترنح في وقفتها و هي تتنفس بقوة
من شدة تأثرها حتى أن أطرافها بدأت ترتعش
و فقدت السيطرة عليها ليمسك بها صالح مرة
أخرى و يساعدها على الجلوس على الكرسي
و بعد أن جلست نفضت يده بعيدا عنها
ثم أدارت وجهها بعيدا عنه ليغير صالح الحوار
كي لا تسوء الأمور اكثر و يزداد إصرارها على
الرفض أكثر...المسكينة لاتدري أنه قد قرر أمرها و
إنتهى و إن ظنت أنه سيتركها يوما فمن الأفضل
أن تستيقظ سريعا من أحلامها...
الساعة بقت إحداشر أدخلي جهزي نفسك
عشان هنخرج .
أجابته ببرود لكن صوتها خرج مرتعشا
هنروح فين
مر صالح بجانبها ليأخذ هاتفه قائلا..
أولا هنروح كافيه عشان نفطر
و بعدين ندور على فستان جديد عشان
تحضري بيه الحفلة.
يارا بجمود..
بس أنا عندي فساتين كثيرة لسه ملبستهاش.
صالح..كلها بقت قديمة يلا بقى ياروحي
هنتأخر...أنا هعمل كام مكالمة للشغل تكوني إنت
جهزتي نفسك... اااه و متنسيش كمان تختاريلي
هدومي اللي هلبسها .
تنهدت بصوت عال قبل أن تدخل غرفة الملابس
عدة دقائق لتنتقي له ملابس عشوائية قميص
دجينز ازرق و فوقه قميص زيتي و معطف
أسود و طبعا
لم تنس حذاءه الفخم المصنوع
من جلد طبيعي يساوي ألاف الجنيهات...
وضعتهم فوق السرير ثم عادت لترتدي
ملابسها المكونة من فستان وردي هادئ و
معطف فرو بلون الكراميل و حذاء ذو كعب
عال....
خرجت من غرفة الملابس و سارت نحو
التسريحة لتلقي طلة اخيرة على وجهها
و شعرها الذي جعلته في شكل كعكة عشوائية
كما تفعل دائما عندما تكون مستعجلة....
أخذت حقيبتها ووضعت فيها بعض الأشياء التي
تحتاجها ثم إلتفتت نحو صالح التي تذكرت للتو
أنه موجود معها في نفس الغرفة فعقلها كان
مشغولا باسترجاع ما دار بينهما من حوار منذ قليل....
هتفت بصوت خاڤت و هي تتجنب النظر إليه
فهو كان يتابع حركاتها منذ مدة دون أن تتفطن له..
أنا جهزت لو عاوز خلينا نخرج ..
إنتبهت لأزرار قميصه التي أغلقها بطريقة
عشوائية دون أن تعرف أنه فعل ذلك عمدا
ترددت قليلا قبل أن تقرر تنبيهه رغم أنها
كانت متعجبة فهي لم تعهده بهذا الإهمال مسبقا
بل دوما يهتم بأناقته كثيرا...
الزرار....
تكلمت و هي تشير نحو قميصه الذي بدأ
مائلا بعض الشيئ حيث كانت جهة أعلى
من الجهة الأخرى...لينظر صالح نحوه
و هو يقرن حاجبيه باستغراب قبل أن
يحول بصره نحوها مشيرا بيديه بعدم فهم
مخفيا إبتسامته الخبيثة عندما نفخت
يارا وجنتيها بضيق ثم تقدمت نحوه لتعيد
فتح أزرار قميصه و تغلقها من جديد بينما
كانت ټشتم نفسها على سوء إختيارها فلو
كانت إختارت له كنزة صوفية لما إضطرت
للإقتراب منه حتى....
إنتهت من غلق آخر زر بصعوبة تامة متجاهلة
أصابعه التي كانت تعبث بشعرها و فرو معطفها
خلينا ننزل عشان إتأخرنا....
هربت من أمامه بسرعة حتى لا تترك له فرصة
أخرى للمسها ليتعالى صوت ضحكاته المرحة
مقررا عدم اللحاق بها حتى تتوقف عن الركض
فزوجته البلهاء دائما ما تنسى أنها حامل....
وصلت يارا للأسفل لكنها لم تجد أحدا
فعلى ما يبدو أن الجميع قد غادروا منذ
الصباح...أكملت طريقها نحو الحديقة لتنفرج
أساريرها عند مشاهدة الورود و النباتات
المختلفة ألوانها خاصة أن الطقس بدأ مشرقا
و كأنه في فصل الربيع.... كانت تقف في مدخل
الفيلا بملامح منذهلة و كأنها ترى الحديقة لأول
مرة لكنها سرعان ما إنتبهت
في شركة سيف.....
إنتفضت ناديا إحدى سكرتيرات سيف
عندما سمعت صراخه للمرة
الالف لهذا اليوم
عبر الهاتف مهددا إياها بالطرد إن لم تحضر
له أحد الملفات في ظرف خمس ثوان... وضعت
الهاتف بسرعة ثم قفزت من مكانها متجهة نحو
الخزانة العملاقة التي تملأ مكتب السكرتارية
التي تشاركه مع فاتن و كوثر زميلتيها...
دمدمت بكلام غير مسموع لكن أي أحد يرى
هيأتها المبعثرة يعلم أنها ټشتم نفسها و حظها
و هي تواصل فتح أدراج الخزانة بحثا عن ذلك
الملف الذي يعود تاريخه لخمس سنوات مضت..
مديرها غاضب منذ أسبوع و يبدو أنه يعاني مشاكل
في المنزل و ينفث غضبه فيهم....
تهللت أساريرها عندما وجدته لتهرع نحو باب
رئيسها في العمل لتطرقه عدة مرات و تفتحه عندما
أذن لها بالدخول...دلفت بخطوات مترددة
لكنها سريعة ثم وضعت الملف أمامه هاتفة
بصوت متلعثم يعكس مدى خۏفها من تنفيذ
تهديده..
الملف حضرتك....تأمر بحاجة ثانية .
رمقته بحذر و هو يرفع رأسه من بين يديه
حتى يلقي نظرة خاطفة على ساعته...بدا هادئا
لدرجة مخيفة جعلتها ترغب في الإختفاء
من أمامه فورا كان سريعا جدا لدرجة أنها لم
تكتشف حتى متى طار ذلك الملف صحبة
بعض الأوراق الأخرى فوقها قبل أن يقع مفترشا
الأرضية تحتها...بينما هدر صوته الحاد الذي كاد يخترق طبلة أذنها..
دقيقة و نص عشان تجيبي حتة ورقة...إيه
جايباها من المريخ مخصوم منك ثلاث أيام
إنت و اللي معاكي برا كلهم...مانتوا لو شايفين
شغلكم كويس مكانش حصل اي تقصير من داه...
إطلعي برا... برا...أغبياء مشغل معايا شوية
بهايم مش فالحين غير يقبضوا مرتباتهم
آخر الشهر..... قلت براااااا...غبية و كمان طرشة..
إنحنت نادية رغم الدموع التي كانت تغشى
عينيها لتجمع الأوراق لكن سيف صړخ مرة
أخرى آمرا إياها بالمغادرة... ركضت نحو مكتبها
و هي تجهش من البكاء رغم أن هذه ليست اول مرة
ېصرخ في وجهها بهذه الطريقة المهينة و يطردها من
مكتبه....
مسحت وجهها بمنديل ورقي عندما وجدت كلاوس
يمر من أمامها بجسده الضخم الذي يشبه
خاصة العمالقة...فلتت منها شهقة رغما عنها
لم تستطع التحكم بها لينتبه لها كلاوس الذي
إبتسم بسخرية عندما رأى عينيها المحمرتين
ليتمتم في داخله..
مراته مطلعة عينه و هو بينتقم من الغلابة اللي
هنا...أما ادخل أشوف إيه حكايته بس يارب
يكون نسي حكاية الولد الصغير .
طرق الباب ثم دخل ليجد سيف يسير في
الغرفة جيئة و ذهابا كأسد حبيس في قفص
توقف سيف عن المشي و إلتفت نحو كلاوس
ليوجه له نظرات ڼارية ليخفض الاخر رأسه
مخفيا بصعوبة إبتسامته الساخرة التي نادرا ما
يرسمها على شفتيه القاسيتين قائلا..
الهانم خلصت كل حاجة و رجعت الفيلا من شوية....
أجابه سيف على الفور و كأنه كان ينتظر تكلمه..
و العفريت اللي إسمه ياسين عملت فيه إيه
رميته من العربية زي ما وصيتك
إنتاب كلاوس الذهول من كلامه فهو كان يعتقد
أنه يمزح معه فكيف يطلب منه رمي طفل
من السيارة لأن زوجته أصرت على إصطحابه
معها لإختيار بعض الملابس له...
حرك رأسه بنفي عندما وجد أن سيف لازال
ينتظر إجابته و ما إن رد عليه حتى إحمر
وجهه من شدة الڠضب و كز على اضراسه
بقوة يجزم كلاوس أنه لو كان شخصا غيره
لكان مېتا الآن...فالواقف أمامه يعاني بشدة
هذه الأيام حتى لا يفتعل چريمة محاولا
إفراغ غضبه في موظفيه المساكين.
سمعه يتنفس بسرعة و هو يسير عائدا وراء مكتبه
ليرتمي على الكرسي بتعب...مستندا بظهره
إلى الوراء متذكرا ما حصل معه المدة الفارطة..
معذبته الصغيرة التي أصبحت تحتل جل تفكيره
منذ تلك الحاډثة فبعد أن إستيقظت من
غيبوبتها التي كانت تقضي عليه من شدة
خوفه عليها صدم بها تنكر معرفته مدعية
فقدان ذاكرتها...نعم هو كان يعلم أنها تدعي
ذلك و إكتشف لعبتها بسهولة... لكن مالايزال
يجهله هو السبب الذي دفعها للتمثيل بأنها
فاقدة لذاكرتها...
رأسه تكاد ټنفجر كلما إفترض أن